مرحلة التخمة والتنمية في الخليج

سلسلة مرحلة التخمة والتنمية في الخليج (1)

مرحلة التخمة والتنمية في الخليج

 

التشاؤل

الازمة المالية العالمية اصبحت عبئا ثقيلا يأبي ان يرحل ,فها هي لا زالت تتنقل من قطر الى آخر  متقمصة اشكالا و مظاهر متعددة, فتارة تتفجر ككارثة البنوك في ايسلندا, و اخرى كأزمة للميزانية العامة في اليونان . بالرغم من الجعجعة في الصحف و الاعلام التي تحاول ان تثبت عكس ذلك و ارشادنا باننا تخطينا الازمة بثقة و سلام, كانت (و لا زالت) دول الخليج العربي من اشد الاقطار تضررا من الازمة و تداعياتها. ما يميزنا عن بقية من عاشر الازمة هو قدرتنا على ضخ المزيد من النفط لتخدير الاقتصاد من آلامه و تغطية ما سبق هدره من عوائد النفط. ففي حقيقة الامر ان ما فقدته المنطقة من اصول و استثمارات امر مهول, و لكن امكانية استخراج المزيد من الذهب الاسود يأخذ دور البلسم الذي يخفي حدة و عمق هذه الجروح, و لكن الندوب لا زالت حقيقية و موجودة.

لكن هناك فرق جذري بين ما حدث في بقية دول العالم و منطقتنا, و بالتحديد في  كيفية التعامل مع الازمة.  المفارقة تكمن في تحليل و تقييم اسباب و تبعات الازمة, و محاولة فهم الاخطاء و التغيير لتفاديها في المستقبل. في الغرب ادت الازمة المالية الى مسائلة معمقة للمسئولين تمخضت في تغيير جذري في السياسات و حتى الى استبدال حكومات. في امريكا, تم اتخاذ حزمة من القرارات لاعادة رسم و اصلاح القطاع المصرفي, كما سبقها اجراءات تاريخية في حجمها من قبل البنك المركزي لدعم البنوك المتورطة في الازمة. في الاتحاد الاوروبي تجري الآن مباحثات جدية  حول الحاجة الى تنسيق و تقنين الميزانيات و المصروفات في الدول الاعضاء لتجنب ما يتمخض من مضاعفات كالتي تعصف بدول بحر المتوسط حاليا. اضف الى هذا محاكمة و سجن بعض ممن تورطوا في فضائح الفساد الكبرى مثل حادثة مادوف الشهيرة. هذا و يتبين لنا انه رغم وجود اختلافات عميقة حول سبل التعامل مع الازمة, الا ان ما يميز الوضع في هذه الدول هو تطور نقاش و نقد ذاتي جدي بين سياسيين و اقتصاديين و مفكرين  حول الاسباب و الحلول لهذه الازمة.

كل هذا شبه معدوم في دول مجلس التعاون, فبالرغم من ان كثير من نجوم العقد المنصرم قد انخفض بريقها و ترنحت (كما حدث لبيت التمويل الخليجي و غيره), و بالرغم من الازمات التي هزت شركات مثل القصيبي و السعد وصل صداها الى اقصى بقاع الارض, فلم نسمع حتى الآن عن ملاحقة احد من “هوامير” المنطقة (اللهم الا “البواليل” منهم ذي سرقات  البضعة ملايين كحادثة السنابس). و بالرغم من ان كمية الدين العام لدى كل مواطن في دبي تخطت ذلك في اليونان (اذا ما اضفنا في التعداد الشركات الشبه حكومية),  و بالرغم من ان كثير من السياسات  شجعت المضاربات و بناء فقاعات مصرفية و عقارية على مدى السنين الاخيرة بل و جعلت من هذه محركا اساسيا للاقتصاد, الا ان التحليل المعمق و النقد لمنهجي و مساءلة المسئولين عما حصل في الطفرة الاخيرة شبه معدوم, بل ان العكس هو الطاغي, فتنشط عبارات و بيانات براقة مثل “الازمة وعكة برد عابرة و مرت بسرعة” او  “ان المنطقة اثبتت قدرتها و حكمتها في التحكم بالازمة العالمية”.

هذا “الترقيع” و انعدام التحليل و النقد المنهجي للازمة مصيبة كبرى قد تكون اخطر من الازمة نفسها, فمنطقتنا تعتبر الاكثر تبعية و اعتمادية على النظام الاقتصادي العالمي لانها و ببساطة المنبع الرئيسي للطاقة في العالم. و لايخفى على احد ان مصيرنا كشعوب دول مجلس التعاون قد اصبح رهن هذه المادة, لهذا فان المخاطر و التبعات التي تأسر المنطقة تحت سيطرتها هي اخطر و اعظم من تلك التي تحدق بمناطق اخرى.  لهذا فنحن في حاجة ملحة ان نلقي نظرة معمقة على جذور التكوينة الاقتصادية و الاجتماعية التي نشأت في دول مجلس التعاون على مدى العقد الاخير قبل ان يدفن بلسم النفط آهات الازمة الاقتصادية و ينسينا العبر و الدروس التي علينا استسقاءها منها, و هذا مالذي سنحاول ان نلقي نظرة عليه مدى سلسة المقالات المقبلة.

نظرتنا ستكون عبر منهجية “التشاؤل”, و التي يمكن تلخيصها في مقولة: “التشاؤم في العقل, التفاؤل في القلب”. فرغم غزارة المشاكل التي تواجه اقتصاديات المنطقة حتى اقتنع البعض باستحالة مواجهتها, فالتفاؤل بامكانية طرح حلول بديلة لمآزقنا مطلب اساسي لمواجهة المرحلة القادمة و احياء الامل في امكانية تخطيه . لكن ذلك يتطلب مواجهة و تحليل الواقع كما هو دون ترقيع و تجميل مصائبه و مشاكله مهما اشتدت تعقيداته, و لهذا فتحليل وضعنا الحالي يحتاج الى نقد معمق يعمد الى رصد جوهر الوقائع حتى لو صعب على البعض تقبلها.

مرحلة التخمة

اغلب القراءات لاقتصاديات لدول مجلس التعاون تركز على سطحيات جانبية و تغفل العوامل الاقتصادية الرئيسية في المنطقة, فعامة يتم التركيز على مؤشر النمو في الناتج المحلي في هذه الدول, و لكننا كما وضحنا في مقالات سابقة فالتركيز على هذا النوع من المؤشرات في دول اعتمادها الرئيسي على تصدير المواد الخام  لا يعني الكثير بل و قد يغفل نظرنا عن عوامل اخرى هي اهم و اشد تأثيرا على المنطقة.

هدفنا هنا هو الخوض في هذه العوامل الجذرية ذات الاهمية المركزية في تحديد و تشكيل مجريات اقتصاديات و مجتمعات دول الخليج, و بالتحديد سيصب تركيزنا على  مقومات الانتاج, نمط الاستهلاك, و اخيرا الترابط بين هذه و المجتمع الاوسع في المنطقة. نظرتنا ستكون بعيدة المدى, و تركيزنا  سيجانب الاحداث العابرة لينصب على العوامل الراسخة التي لا تتغير من سنه الى اخرى بل تتشكل على مدى سنين و حتى عقود مؤدية الى تغيرات جذرية في تكوينة المجتمع نفسه.

ما الذي يميز المرحلة الحالية و التي تمتد من ظهور الالفية الجديدة حتى وقتنا الحالي في دول مجلس التعاون؟ في الظاهر, تميزت المرحلة بظهور فقاعات ذكرناها سابقا (العقارية,المصرفية, النفطية و في اسواق الاسهم) يجمعها اعتمادية على الريع و الاستثمارات المالية. هذا في الظاهر, و لكن هناك ثلاث عوامل رئيسية تعتبر هي الدينامو و الركائز الاساسية لمجتمعنا الاقتصادي الحالي:

١. اقتصاد ريعي مبني على  مركزية النفط في الاقتصاد العالمي, حيث اغلب طاقات المجتمع المنتجة يحكمها محاولة الانتفاع من هذا الريع  و استثماره

٢. تدوير عوائد الريع عبر “رأسمالية المتنفذين” في مشاريع الاستثمار و “الخصخصة” التي تأتي بثمارها على فئة محدودة لا تمثل اغلب  المجتمع, حيث تتركز هذه الاستثمارات في ايدي افراد و مؤسسات محدودة ذات نفوذ و صلات قوية

٣.مجتمع استهلاكي معولم, حيث يتمحور استهلاك المجتمع حول استيراد كل ما امكن من الخارج, بما في ذلك الثقافة.

٤. خلل سكاني و اعتمادية على العمالة الاجنبية, حتى اصبحت هذه تشكل اكثر من٧٥٪ من الايدي العاملة في اغلب هذه الدول.

حدة هذه العوامل في المنطقة يجعلها فريدة من نوعها في العالم و يجعل من اقتصاديات دول المجلس حالة خاصة لا تتكرر. فهذه العوامل مترابطة و اصبح كل منها يغذي الآخر, و اذا اخذناها مجتمعة  فهي اساس المرحلة التي تمر فيها دول المنطقة و التي يمكننا تسميتها ب”مرحلة التخمة”.

ما هي التخمة؟ التخمة مرحلة معينة يصل اليها كيان (اكان جسم انسان او اقتصاد) تميزها عدة خصائص: هناك الانتقال من اشباع الاحتياجات الى مرحلة الترف و المبالغة, فكما الانسان الذي يعاني من التخمة يتعدى  هدف استهلاكه من سد متطلبات الجسم الى مرحلة الافراط في الاستهلاك, هكذا اصبحت اقتصاديات دول الخليج.  فمعظم ايراداتها النفطية  لا تنفق على احتياجات تنمية المجتمع من تعليم و صحة و بنية تحتيه, بل يضخ الكثير منها في نشاطات استثمارية و الاستهلاك المفرط. هذه النشاطات قد تكون خيالية في حجمها في محاولة لبهر العالم بفخامتها كالمنتجعات المغلقة المبنية على البحر المدفون, او قد تكون نشاطات اكثر بساطة مثل  جلب عمالة وافدة هدفها الوحيد هو الهرولة من سيارة الى اخرى لاخذ طلبات البقالات و المطاعم (و هذه مهنه فريدة من نوعها في العالم لا تتواجد الا في دول الخليج, فحتى النزول من السيارة و المشي بضعة امتار لشراء قنينة بيبسي يعتبر مشقة تحتاج الى عمالة مستوردة ).

التخمة ايضا تتميز بالادمان و الاعتمادية, فكما جسم الانسان يصبح اسير تخمته, فما انفك ياكل و تصبح سد رغبات تخمته شغله الشاغل, فالوضع ذاته تغلغل في اقتصاديات دول مجلس التعاون في الاعتمادية على الريع النفطي و تدويره كاستثمارات. فاغلب طاقات المجتمع هي الآن موجهة نحو الحصول على جزء من هذا الريع (rent seeking), اكان عن طريق مصادرة اراضي البحر من قبل كبار الشخصيات او عن طريق بناء عمارة صغيرة و تأجير دكاكين من قبل بعض افراد عامة الشعب .

ميزة اخيرة لمرحلة التخمة هي استحالة استدامتها و استمراريتها على المدى البعيد. فكما التخمة تؤدي الى عواقب وخيمة لصاحبها على مر الزمن, فاما ان يصحح وضعه و يداريها و اما ان تتأزم حالته و تتدهور صحته, فالخطر نفسه يحيط باقتصاديات دول مجلس التعاون. فمن غير الممكن ان يستمر المجتمع على نفس الاسلوب معتمدا على ريع النفط و العمالة الاجنبية و استيراد كل احتياجاته على مد البصر, فاما ان يتدارك الحال قبل ان تسيطر مضاعفات التخمة على المجتمع, و اما ان تواصل كرة الثلج في نموها حتى تجرف المجتمع معها في مسار غير معلوم.

الاعتمادية على النفط 

لا يخفى على احد اعتماد اقتصاديات الخليج بشكل شبه كلي على النفط, بل ان هذه الاعتماديه, على عكس ما قد يروجه البعض, قد زادت على مدى السنوات العشر الاخيرة. فرغم ان النفط قد انخفضت نسبته في معدل الناتج المحلي في اغلب دول الخليج (حتى وصل في البحرين كمثال الى ما دون ال20٪ ), الا ان الاستنتاج ان الاعتمادية عليه قد انخفضت يجانب الصواب, فالنفط ما زال هو المحرك الرئيسي الذي يغذي الاقتصاد, و ان اختفى النفط سقط القلب النابض الذي يضخ الحياة في اقتصادنا و تدهورت باقي قطاعاته. فمقومات الاقتصاد لا تعمل في فضاء مفرغ بل تتفاعل داخل حلقة متصلة, وان قطعت وصلة رئيسية فيها انهار الاقتصاد كليا كما حدث في دول السوفييت عندما سقط جدار برلين و انهارات العلاقات الاقتصادية بين الدول الاعضاء فيه. في دول مجلس التعاون الحلقة الرئيسية للاقتصاد هو النفط, و ان هوى النفط تبعته الاقتصاديات التي بنيت عليه.

لنأخذ مثالا بسيطا لتبيان مركزية النفط في اقتصادياتنا, بدءا بميزانيات دول المجلس. ايرادات الغاز و النفط ومشتقاتها تشكل ما لا يقل عن ٧٥٪ من الميزانيات الحكومية لاي من هذه الدول, بل ان الاعتمادية على النفط زادت على مدى العقد الاخير. فقبل الالفية الجديدة كانت حكومات الدول مرتاحة بميزانياتها اذا وصل سعر برميل الخام الى ٢٠ دولارا, اما الآن فزيادة المصروفات جعلت حتى سعر ٥٠ دولارا للبرميل لا يشبع المتطلبات المصرفية  في هذه الدول و لا يسمح بتغطية العجز في الميزانية.

اذا النفط يشكل النسبة العظمى من  ايرادات ميزانيات هذه الدول, و لكن ما هي تبعات هذا الامر لباقي الاقتصاد؟ علينا ان نتذكر ان النسبة العظمى من العماله الوطنية تعتمد على الحكومة لدفع رواتبها (اكثر من ثلثي العمالة الوطنية في الخليج تعمل في القطاع الحكومي). اذا اختفى ايراد النفط اختفت ميزانيات هذه الدول, و معها اختفت المقدرة على دفع الرواتب الحكومية. اذا تلاشت الرواتب فعندها تختفي مقدرة الناس على الاستهلاك و شراء الاسلعة, و اذا اختفت مقدرة الناس على الدفع اختفى العائد على التجار في المنطقة. زد على هذا عدم قدرة الحكومة على الدفع للمناقصات التي تتبناها لبناء و ترميم مدارس و شوارع و مباني الخ, و بهذا يكون ايراد القطاع الخاص قد ولى, و اختفت قدرته هو ايضا على دفع رواتب موظفيه, مما يشل قدرة العمال على الانفاق و تنشيط الاستهلاك.  هكذا و تواصل الحلقة الاقتصادية تدهورها. هذا الشرح المبسط يوضح ما هي العواقب الوخيمة التي ستتبع تدهور ايرادات النفط في منطقتنا و التي ستطال كل جزء من اقتصادياتنا احكومية كانت او في القطاع الخاص.

اذا اردنا التعمق اكثر في خطورة اعتماديتنا على النفط, فما علينا الا النظر الى ميزان التجارة الخارجية (foreign account HGH HGH) للمنطقة, و هو ميزان ما تصدره المنطقة في مقابل ما تستورده. من مسلمات نظريات الاقتصاد انه يحتم على اي دولة على المدى البعيد ان يكون هناك توازن نسبي بين ما تصدره و ما تستورده, فليس بامكانها ان تستورد اكثر مما تصدره على مر الزمن الا و ادى ذلك الى ازمة في عملتها و في افلاس مدخراتها من العملة الصعبة .

دول الخليج هي من اكثر دول العالم اعتمادا على الاستيراد, فنحن نستورد تقريبا كل شيء, من الاكل مرورا بالملبس وصولا الى السيارات و حتى المكيفات. في الجانب الآخر,  الغالبية العظمى من  من صادرات المنطقة ( حوالي ال.٨٪ ) تتركز على النفط و مشتقاته, فنحن غير معروفين بمنتوجات اخرى نوفرها للعالم (الحلوى و التمر “قدوع” شهية و لكنهما لا يشكلان قوة اقتصادية ضاربة).

اذا اختفت صادرات النفظ, تختفي ٨٠٪ من صادرات المنطقة, و بهذا سيختفي ٨٠٪ ما يمكن استيراده. هذا يعني اختفاء ٨٠٪ من السيارات, المكيفات, الملبس,  و حتى المأكل من الذي نستورده. من الصعب علينا ان نتصور اختفاء هذا الكم من منتجات تعودنا عليها و اصبحت جزء اساسي من حياتنا اليومية, فجيلنا الحالي يعتبر وجود المكيف امر بديهي كوجود الماء و الهواء, و لكن هذا هو ما سيحدث ان اختفى النفط و اختفت معه قدرتنا على الاستيراد.

النفط و الريع

اذا عوائد النفط تلعب الدور المركزي في اقتصاديات دول الخليج, و لكن كيف تطور باقي الاقتصاد حول هذه العوائد؟ بمعنى آخر, ما هي تركيبة الاقتصاد الخليجي المنبعثة من عوائد النفط؟
للتعرف على تركيبة الاقتصاد الخليجي لا بد الانطلاق من مبدأ الريع (rent) و الدولة الريعية (rentier state).الريع هو  ذلك المردود الاضافي الذي يفوق العائد “الطبيعي”, و الذي يجنيه صاحبه بسبب تملكه احقية احتكار او التصرف بمورد معين. كمثال, هناك ريع العقار الذي يجنيه صاحب العقار كايجار بموجب تملكه العقار, او هناك الريع الذي يجنيه صاحب وكاله سيارات بموجب تملكه لحق الوكالة. الرابط هنا هو انه بما انك تملك القوة للتحكم او احتكار مورد معين, فبامكانك الحصول على الريع عبر سيطرتك على هذا المورد.
ميزة مهمة للنشاط الريعي هو انه ليس منتجا و لا يساهم باية قيمة مضافة اقتصادية, فصاحب الريع يحصل على المردود الاضافي بسبب تحكمه بالعقار او الوكاله, فلا داعي ان يبذل جهدا اضافيا في العمل ليحصل على هذا المردود. لهذا فان تمركز الريع بشكل حصري في ايدي فئة قليلة يتم التحذير منه اقتصاديا, فهو يعطي لاصحابه نفوذ و تسلط على باقي المجتمع والمقدرة على جني العوائد التي تطغى على النشاط الاقتصادي المنتج.
اقتصاديات الخليج تعتبر مثلا اعلى للدولة الريعية بسبب تحكم الدولة بالريع النابع من النفط. فنشأة الدولة المعاصرة في المنطقة بنيت على ريع النفط والذي شكل الركيزة المحورية للسياسات الاقتصادية لهذه الدول حتى قبل ان تعطى استقلالها. هذه السياسة كانت مركزية في نوعيتها, فالنظام الحاكم يحصل على حصته من النفط (بعد اعطاء الشركات الاجنبية نسبتها) و يقوم بتوزيعها بناء على معطياته. هذه الكميات الهائلة من عوائد النفط حررت الانظمة الحاكمة من الاعتماد على الضرائب كدخل للدولة كما هو الحال في اغلب دول العالم, وبذلك اضعفت قدرة الشعوب على المساءلة و المشاركة في تحديد تركيبة و نوعية الاقتصاد, فالانظمة الحاكمة حصلت على الموارد و النفوذ لبناء الدولة و الاقتصاد حسب معطياتها و بدون الحاجة الى الاعتماد على انتاجية شعوبها.

كيف تشكل باقي الاقتصاد الخليجي حول هذا الريع النفطي, و ما هي مقومات و طبائع هذه الاقتصاديات؟ على الصعيد الداخلي, لدينا اولا ما يمكن تسميته ب”قطاع العموم”, و هي تلك المصروفات الموجهة نحو الشعب من صحة و تعليم و رواتب في القطاع الحكومي, ويمكننا هنا ايضا اضافة الشركات و الصناعات الحكومية. و من الملاحظ ان في كل دول الخليج اكثر من نصف الموظفين المواطنين يشتغلون في الوظائف الحكومية, و هذه سمة من الاقتصاد الريعي المبني على النفط, حيث تستعمل جزء من عوائد النفط للحصول على ولاء و رضى المواطنين عبر الرواتب و المكرمات و الهبات السكنية الخ.

القسم الثاني هو “قطاع الواصلين”, و هو مبني على حصول المقربين و ذوي النفوذ من تجار و وجهاء احقية الانتفاع من الفرص المنبثقة من الطفرة النفطية. فمع تدفق عوائد النفط في دول الخليج برزت فرص استثمارية و تجارية ضخمة تعد اصحابها بعوائد مجزية, و قد تركزت هذه العوائد في قطاعات المشاريع (خاصة الانشاءية منها) و العقار و وكالات الاستيراد و الاستثمارات المالية. سمتان رئيسيتان تميزان هذا المحور, اولهما احتكار العوائد في ايدي افراد قليلة بناء على نفوذهم و صلاتهم واهميتهم التجارية. فقطاع ما يسمى بالشركات الصغيرة او المتوسطة ضعيف نسبيا في دول الخليج, و يقتصر غالباعلى قطاع الخدمات و التجزئة من مطاعم و دكاكين الخ, بينما تسيطر فئة قلية من متنفذين و تجار على غالبية الشركات و الوكالات ذات الوزن الثقيل. اما السمة الثانية فهي مركزية الريع في هذه النشاطات. فالحصول على اراض شاسعة تعطي صاحبها مقدرة الانتفاع من ايجارها او بيعها, و في نفس المنوال فنفوذ التاجر و علاقاته تجنيه مناقصات لتشييد و بناء مشاريع ضخمة تعد بالبلايين. اذا اهمية الريع في الاقتصاد الخليجي لا تتركز في النفط فقط, بل تبرز ايضا في  قوة “قطاع الواصلين” الذي يشكل الجزء الاكبر مما اعتدنا تسميته  ب”القطاع الخاص”.

هناك عامل الاخير لا يمكن الاغفال عنه, و ربما يكون العنصر الاهم على الصعيد الداخلي, الا و هو الايدي العاملة  في هذه القطاعات. هنا يبرز الاعتماد الشبه الكلي على الوافدين الاجانب كمصدر للايدي العاملة المنتجة, ففي كل دول المنطقة يشكل الوافدين اكثر من ثلثي القوى العاملة (و تصل هذه النسبة الى ما يزيد على ال٩٠٪ في قطر و الامارات ), وتتركز هذه العمالة بشكل ملحوظ في القطاع الخاص و الذي يعتبر اكثر انتاجا من القطاع الحكومي (حيث تتركز العمالة المحلية). الريع هناايضا يلعب دورا مركزيا, فهو يأخذ شكل عمولة الكفالة التي يحظي بها الكفيل او رب العمل بمقتضى تملكه لحق كفالة الوافد. بهذا تشكلت اعتمادية شبه كلية على تحصيل الريع من هذه القوى العاملة و توكيلها  لتأدية اغلب الانشطة المنتجة في المجتمع في مقابل حصول الكفيل على الريع مما تنتجه هذه الايدي العاملة. و ظاهرة العمالة الوافدة في الخليج و الخلل السكاني المصاحب لها يقتضي وقفة مطولة سنرجع اليها في مقالات لاحقة.

السياسة و الاقتصاد و علاقتنا بالخارج

في المقال السابق تطرقنا الى تشكيلة الاقتصاد الخليجي على المستوى الداخلي, و لكن حتى تكتمل الصورة لا بد ان ندير وجهتنا الى تفاعلات الاقتصاد الخليجي على المستوى الدولي. فهناك كميات هائلة من عوائد النفط محورها الرئيسي هو الخارج, و هذا يساعد في تذكيرنا بان الخليج لا يعيش في معزلة عن بقية العالم, بل على العكس فكونه المنبع الرئيسي لاهم مادة خامة في الاقتصاد العالمي تجعله شريان مهم في العلاقات الدولية, و لهذا فاننا محكومون بالتطورات التي تؤثر علينا و نؤثر عليها في المسرح الدولي.

لنبدأ بالبديهي: دور النفط في الاقتصاد العالمي. من الصعب ان نبالغ مدى اهمية هذه المادة في تكوينة الحضارة الانسانية المعاصرة, فنحن لا نجاوب الصواب عندما نقول ان العالم على مدى القرن الماضي بني بشكل محوري على النفط. طبعا هناك دور النفط كمصدر رئيسي للطاقة, فهو يغذي حوالي النصف من استهلاك الطاقة في العالم.  لكن الاعتمادية على النفط تتعدى ذلك باشواط.  لو  نظرت حولك و انت تقرأ هذا المقال فكل شيء تناظره عيناك تقريبا سيكون قد مسه النفط بشكل او آخر. قنينة الماء التي بقربك صنعت من مشتقات النفط, و كذلك الحاسوب  الذي تجول به مواقع الانترنت. حتى اوراق الصحيفة التي تقرأها عانقتها مواد بتروكيماوية. الفواكه و الخضروات التي نتنوالها استعملات في زراعتها مبيدات للحشرات مشتقة من النفط, و حتى اللحوم  تم تبريدها و ايصالها عبر ادوات و ناقلات مبنية على الذهب الاسود. السيارات و السفن و الطائرات و المواد البلاستيكية و حتي “الكلينكس” و الطاولة التي وضع عليها تعتمد  في صناعتها على النفط, و بامكاننا سرد آلاف اخرى من المواد التي يمر عليها النفط و البتروكيماويات في عملية انتاجها. باختصار, فان الثورة الصناعية التي شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تشكلت بشكل اساسي حول صناعة النفط و مشتقاته. و لا يخفى على احد اننا في الخليج نعتبر المنبع الرئيسي للنفط في العالم, فدول مجلس التعاون تحظى بحوالي ٤٥٪ من الاحتياطي المؤكد للنفط دوليا, و اكثر من ثلاثة ارباع ما ننتجه من نفط يتوجه الى  الاسواق الغير محلية. العالم يعتمد على نفط الخليج, و هذا لن يتغير على مدى العقدين القادمين على الاقل.

لنترك النفط و ننظر الى المحاور الاخرى المهمة في علاقاتانا الاقتصادية العالمية, فايرادات النفط خلقت وفرة من الاموال بالمنطقة  جزء كبير منها يتوجه الى الخارج. لنبدأ بقطاع التسلح و الدفاع. مصروفات المنطقة هنا كنسبة من الدخل القومي تعتبر الاعلى في العالم و لا تضاهيها سوى اسرائيل, و ان نظرنا الى كمية المصروفات فانها تطغى على تلك للكيان الصهيوني عدة مرات و تضاهي حتى مصروفات المملكة المتحدة او فرنسا. لكن على عكس اسرائيل و باقي تلك الدول التي تصدر الاسلحة فان دول الخليج لا تنتج شيئا يذكر من اسلحتها و تعتمد اعتمادا كليا على استيرادها. هذا يجعل سوق الخليج هدفا دسما لمنتجي الاسلحة عالميا, حيث يتوقع ان تصل نفقات المنطقة على الاسلحة الامريكية فقط في الاربع السنين القادمة الى ما يفوق ال ١٢٠ بليون دولار.

و بامكاننا في هذا السياق اضافة باقي ما تستورده المنطقة. فدول الخليج, بما ان اعتمادها شبه كلي على الاستيراد, تعتبر سوقا رئيسية تلاحقة للشركات العالمية المنتجة. فيكفي ان نتذكر انه في اوج الطفرة الاخيرة كان يروج بان ربع “كرينات” او رافعات العالم تتواجد في دبي, فما بالك اذا اخذنا المنطقة ككل. كمثال آخر هناك سوق السيارات, فكثافة السيارات في الخليج بالنسبة للسكان تتربع في المراكز الاولى على المستوى العالمي. لهذا فان السوق الخليجية تعتبر سوقا مهمة للشركات و حتى الاستثمارات العالمية, فانفتاح الاقتصاد الخليجي للاستثمارات الخارجية على مدى السنوات العشر الاخيرة جعل الاموال من الخارج تتدفق بوتيرة متصاعدة للغنم بعوائد هذه الاقتصاديات و التي تعتبر من الاعلى دوليا.

على نفس المنوال, و ربما في المركز الاكثر اهمية, هناك جزء كبير من عوائد نفط المنطقة يتم توظيفها في استثمارات مالية اغلب ما تكون في الخارج. و لعل اهم هذه الاستمارات المالية هو ربط الاقتصاد الخليجي بالدولار الامريكي. فكما هو معلوم فان كل عملات الخليج مربوطة رسميا او فعليا بالدولار الامريكي, و اغلب مخزونات و استثمارات المنطقة ترسم بالدولار الامريكي, و لا ننسى ان النفط يتم تسعيره عالميا بواسطة الدولار. هذه العوامل تلعب دورا مركزيا في دعم الاقتصاد الامريكي و في توفير الصلابة لعملته, مما يوفر لدول المنطقة تأثيرا و نفوذا سياسياو اقتصاديا للاسف هو غير مستغل بشكل فعلي حاليا, فنحن لا زلنا نلعب دور التابع بدلا من صاحب النفوذ في علاقاتنا مع الغرب.

يتجلى لنا من هذا السرد السريع  امران هامان. الاول هو انه لا يمكن لنا ان نتجاهل اهمية التفاعلات الاقتصادية الدولية على منطقتنا, بل على العكس فأن مستقبل و حاضر منطقتنا يتم تكوينه بشكل جذري على الساحة الدولية. النقطة الثانية هي ان التطورات الاقتصادية لا يمكن تحليلها بدون التطرق الى البعد السياسي و التي يعتبر الوجه الآخر للعملة. فاي تحليل يقتصر تركيزه على الارقام و الاحصاءات الاقتصادية فقط سيكون من المبدأ ناقصا و احادي النظر. فلو نظرنا الى صرف دول الخليج على التسلح فعلينا التطرق الى دور القواعد الامريكية المتواجدة في كل دولة خليجية باستثناء السعودية. و اذا ذهبنا الى مخرون الدولارات الامريكية في المنطقة فيتوجب علينا التمعن في السياسات الامريكية التي ادت الى بروز هذه الظاهرة. اذا السياسة و الاقتصاد توأمين سياميين قد يختلفان و لكنهما لا يفترقان, و لنا عودة الى هذه النقطة في مقالات لاحقة.

نمو ام تنمية؟

اذا و كما ذكرنا في المقال السابق فقد تجذرت الاعتمادية على الريع في اقتصاديات دول الخليج العربية  بشقيها الحكومي و الخاص. القطاع الحكومي لا زالت تسيطر عليه ايرادات النفط التي يتم تدويرها في انفاق الحكومة عبر وزاراتها و المشاريع العامة. اما القطاع الخاص فقد تعزز دوره في العقد الاخير عبر بروز “قطاع الواصلين”, والذي اتسم بخصخصة الريع في ايدي فئة متنفذة صغيرة احتكرت اغلب المشاريع العقارية و المصرفية و التجارية التي انبثقت من الطفرة النفطية الاخيرة. و لقد ادى هذا السعي وراء الريع الى تغلغل الاقتصاد الريعي الى قاعدة الهرم المجتمعي, فجزء كبير من عامة الشعب انصب اهتمامه في الحصول على جزء من هذا الريع, اكان عن طريق بناء “عمارة” تؤجر فيها الشقق و الدكاكين, او استخراج رخصة تجارة ليتم ادارة اعمالها بايدي عاملة وافدة تحت مبدأ الكفالة.

بناء على هذه المعطيات نمى الاقتصاد الخليجي بشكل غير مسبوق على مدى العقد الاول من الالفية الثالثة, حتى باتت بعض من دوله في الصدارة العالمية من ناحية الدخل للفرد (قطر تعتبر الاولى عالميا بناء على هذا المقياس). لكن السؤال الذي علينا ان نسأله نحن كمواطني دول المجلس, هل ما عاشته المنطقة على مدى العقد الاخير يعتبر تنمية مستدامة حقيقية, ام انه لا يتعدى كونه نموا و تضخما يفتقر الى ملامح التنمية الاساسية؟

هناك فرق جوهري بين النمو (growth) و التنمية (development) في المعطيات الاقتصادية. التنمية تتبنى الانسان و الارتقاء بمقومات حياته الاساسية مبدأا لها, بما في ذلك الارتقاء بتعليمه و صحته و نوعية عمله و البيئة المحيطة به . تدخل في هذه المعادلة معطيات متعددة, منها نوعية التعليم التي يتلقاها الفرد مرورا بمستوى الخدمات الصحية  المتوفرة وصولا الى نقاء الهواء الذي يتنفسه و مدى توفر الحدائق و الشواطىء العامة التي يحق له ارتيادها. خلاصة الامر ان التنمية عملية متعددة الابعاد و العوامل, لكن القاسم المشترك فيها هو الاهتمام بنوعية و كيفية الارتقاء و ليس الكم فقط. في المقابل, فالنمو يعتبر مفهوما احادي الابعاد يصب تركيزه الاساسي على الكم بدون التطرق الى اين تمركز هذا النمو او ماهيته و نوعيته.

لنأخذ جسم الانسان كمثال. تنمية الجسم تتطلب االعناية بنوعية و كمية الاكل المستهلكة, و لا بد من الاهتمام بالنشاط الرياضي و عادات النوم و العمل لتكتمل عوامل تنمية الجسم السليم. في المقابل, فان الشخص المصاب بالتخمة ما انفك يرى كرشه يكبر  و وزنه يزداد يوما بعد يوم. جسمه ينمو و يتضخم حجما, و لكن التنمية ابعد ما تكون عنه, فريثما جسمه يتكور فصحته و امكانياته البدنية تتدهور بشكل متسارع.

مما لا شك فيه ان التنمية في دول مجلس التعاون قطعت اشواطا كبيرة على مدى القرن المنصرم,  فتم ادراج برامج التعليم و الصحة و البنية التحتية في مجتمعات كانت تفتقر الى ابسط مقومات الحياة المعاصرة في حقبة ما قبل النفط. لكن من الملاحظ ان اغلب هذه العوامل الحيوية قد انتابها الركود و حتى الانحسار على مدى العقد الاخير. فالمواطنون بدأوا يشتكون من تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية و طول الطوابير في المستشفيات و الاكتظاظ المروري المتواصل في الشوارع, بينما الشواطئ و غيرها من الاماكن العامة التي كانت تمثل متنفسا لهم بدأت تختفي بصورة متسارعة على مدى العشر سنوات الاخيرة. اذا ادرنا وجهتنا الى الانتاجية, فنسبة مساهمة المنطقة في الاكتشافات و التطورات العلمية على مستوى العالم لا تزال معدومة, و حتى بيئتنا تعتبر من اشد المناطق في العالم تضررا بالقاذورات (حتى وصل الحال بان اصبحت مياه الخليج االاكثر تلوثا في العالم, و لو كان السمك ينطق لصرخ الويلات مما يعانيه في بحارنا).

في المقابل, دعونا نلقي نظرة على المصنفات التي استطاعت دول المنطقة ان تتربع على قمتها عالميا.  اعلى نسبة في العالم لعمال المنازل تتواجد في منطقتنا (كمثال: عامل منزلي واحد لكل ٢ و نصف مواطن في قطر), و كذلك اعلى نسبة من السيارات لكل قاطن (حوالي شخص و نصف لكل سيارة في الكويت). دول الخليج هي الاعلى استهلاكا للوقود (الامارات تـأتي في صدارة استهلاك وقود السيارات ب١,٨٩٧ كغ سنويا لكل شخص), و المنطقة ايضا من اكبر المنفقين في على مستحضرات التجميل (حوالي ١٣٠ دينارا للفرد في السنة).

نسبة البدانة هي الاعلى دوليا (و قد اتحفتنا الصحف المحلية مؤخرا بخبر تربع نساء البحرين على صدارة البدانة في الكرة الارضية), و لم تتمكن دولة في اجتياز معدل الاصابة بالسكري في الخليج الا جزيرة ناورو ذات التعداد السكاني البالغ ثلاثة عشر الف شخص (في الامارات تصل نسبة الاصابة بالسكري الى ١٧٪ من السكان البالغين). و طبعا لا ننس ان دول الخليج تمتاز باعلى معدل نمو سكاني ,  والذي بني اساسا على جلب العمالة الوافدة, حتى وصل نمو السكان في قطر الى معدل فاق ال ١٤٪, بينما لا تتعدى النسبة٤٪ في بوروندي الافريقية, الدولة الاكثر نموا في السكان بعد دول الخليج.

قد تبدو هذه البيانات مهولة و تعكس نظرة متشائمة, و لكنها و للاسف الحقيقة التي علينا مواجهتها و تحليلها لاستخلاص العبر منها. ما تبين لنا هذه الارقام هو المبالغة في الاستهلاك و الاستيراد في المنطقة حتى تصدرنا قائمة تلو قائمة استهلاكية على مستوى العالم. في المقابل, فان حالة من الركود قد اصابت التنمية لدينا في مفاصلها الحيوية من تعليم و صحة و انتاجية و غيرها من العوامل المهمة للرفعة بالمواطن في المنطقة. و لهذا فان مصطلح “مرحلة التخمة”هو تعبير مستحق لواقع مرير قد تجذر في اقتصادياتنا الخليجية على مدى العقد الماضي و اصبح  حقيقة علينا الاعتراف بها في اقتصادياتنا.

و هنا يتوجب علينا السؤال: هل المواصلة في هذا المسار من استيراد مطرد و استهلاك متصاعد, و ان كان قد يجلب معه رفاهية و اشباع رغبة آنية قد تمتد لبضع من السنين,  يصب في مصلحتنا وفي تنمية مجتماعاتنا على المدى البعيد؟ ام ان الوضع يشبه جسم الانسان المصاب بالتخمة, و التي ينذر جسمه و الذي ما انفك يكبر بقنبلة موقوته قد تودي به و صحته, لا قدر الله, الى مسار غير معلوم؟

 
المصدر: صحيفة أسواق البحرينية